يبدو أن هذه الفتاة تعلم جيدًا أصول اللعبة الترويجية إن صح التعبير؛ فهي
بالطبع ستجد جمهورًا أكبر يتابعها هي الفتاة الجميلة التي تعرض فيديو
يبدو في ثوانيه الأولى تعليميًّا تجميليًّا. إلى السياسة من باب التجميل
يبدأ الفيديو مع هذه الفتاة الجميلة التي تعرض نصائح توضح كيفية استخدام
مكبس الرموش لإعطائها مظهرًا أطول ولتبدو مقلوبة. لكنيبدو أن هذه الفتاة
تعلم جيدًا أصول اللعبة الترويجية إن صح التعبير؛ فهي بالطبع ستجد
جمهورًا أكبر يتابعها هي الفتاة الجميلة التي تعرض فيديو يبدو في ثوانيه
الأولى تعليميًّا تجميليًّا.
إلى السياسة من باب التجميل
يبدأ الفيديو مع هذه الفتاة الجميلة التي تعرض نصائح توضح كيفية استخدام
مكبس الرموش لإعطائها مظهرًا أطول ولتبدو مقلوبة. لكن الأمر لم يكن مجرد
فيديو تعليمي.
بعد ثوانٍ على بداية الفيديو، تضع الفتاة الأفغانية- الأمريكية فيروزة
عزير مكبس الرموش من يديها، لتنتقل بسلاسةٍ إلى السياسة فتبدأ بالقول:
"استخدم الهاتف الذي تحمله الآن لتعرف ما يحدث في هذه اللحظة في الصين".
View this post on Instagram
Hi guys, I made a video about the situation in China with how the
government is capturing the Uyghur Muslims and placing them into
concentration camps. Once you enter these camps, you're lucky if you
get out. Innocent humans are being murdered, tortured, raped,
receiving shock therapy, and so much more that I can't even describe.
They are holding a genocide against Muslims and they're getting away
with it. We need to spread awareness. I know it might sound useless,
what can spreading awareness and talking about this even do? What are
we supposed to do about it? We have our voices and technology to help
us. Speak to those who can help! The UN failed to stop this genocide
in the summer, we can't let that happen again. We can't be silent on
another holocaust that is bound to happen. We can't be another failed
generation of "what could've, should've, would've". We are strong
people. We can do this. Only if we try #muslim #islam #tiktok
#uyghurmuslims #china #freepalestine
A post shared by Feroza Aziz🧿 (@ferozzaaa) on Nov 25, 2019 at 2:25pm PST
بعدها، وعلى مدار الأربعين ثانيةً التالية من عمر الفيديو الذي بثته على
تطبيق تيك توك وحصد 1.5 مليون مشاهدة، تتحدث فيروزة عن انتهاكات الحكومة
الصينية بشأن أقلية الإيغور المسلمة التي تقطن مقاطعة شينجيانغ أقصى غرب
البلاد، وعن المراكز التي تحتجزهم بها.
كانت بكين تُصر دومًا على أن هذه المراكز هي مراكز إقامة طوعية، وما هي
إلا مراكز للتدريب المهني، لكن الغرب وعلى وجه الخصوص أمريكا أدان هذه
المراكز على اعتبارها مراكز لاجتثاث ثقافة الإيغور الإسلامية.
بدوره، وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو صرح يوم الثلاثاء أن هناك
أدلة دامغة ومتزايدة حول ارتكاب السلطات الصينية انتهاكات بحق أفراد في
معسكرات الاعتقال الجماعي، ودعا إلى إطلاق سراح فوري لكل أولئك المعتقلين
تعسفيًّا، كما دعا الصين إلى التوقف عن سياساتها شديدة القسوة التي تعمد
إليها لإرهاب مواطنيها في شينجيانغ.
بالطبع، اتهم المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشينغ شوانغ الولايات
المتحدة الأمريكية بالتدخل في شؤون صينية خاصة، كما أفاد بأن لا وجود
لانتهاكات إثنية أو دينية أو إنسانية في تلك المنطقة، وقال إن هذه
الإجراءات لا تتعدى كونها جزءًا من عمليات تقوم بها حكومة شينجيانغ
لمحاربة الإرهاب والتطرف.
في الفيديو الذي بثته فيروزة على منصات تواصل اجتماعي أخرى كفيسبوك
وتويتر، تروي حكايا عن معسكرات اعتقال جماعي يُلقى فيها مسلمون أبرياء
ويتم فيها فصل الأفراد عن عائلاتهم. تتحدث عن عجز الأمم المتحدة عن فعل
شيء حيال ذلك، وتقول أننا لا نملك سوى التكنولوجيا وأصواتنا في محاولة
منع حدوث هذا الأمر ثانية.
تعليق حساب مؤقت
تطور الأمر بين فيروزة وتيك توك ليأخد مجرى اتهمت فيه فيروزة تيك توك
بالرقابة على ما تنشر، وبالطبع أرسلت لقطة شاشة للـ CNN للرسالة التي
ظهرت لها وهي تحاول الدخول إلى حسابها على تيك توك والتي نصت على
temporarily suspended وهي ترى فيها إشارة إلى تمييزٍ تمارسه ضدها الشركة
المملوكة من عملاقة التكنولوجيا ByteDance والتي يقع مقرها في بكين.
لكن المتحدث باسم الشركة أنكر ذلك في اليوم التالي قائلًا إن الشركة لا
تحذف الفيديوهات بناءً على وجهات نظر سياسية، وبالفعل ظهر الفيديو على
المنصة في ذلك اليوم، لكنها ما لبثت أن اعترفت بأن فيروزة حُرمت من
الدخول إلى حسابها على تيك توك، لكنها عزت ذلك إلى أسباب لا ترتبط بهذا
الفيديو. وأن هذا المنع لم يمكن فيروزة من الولوج إلى حسابها القديم على
تيك توك، أو حتى الولوج إليه من الأجهزة التي اعتادت الدخول منها. بالطبع
مزاعم زادت الطين بلة.
مبررات التعليق
أضاف المسؤولون في تيك توك أن بكين لم تطلب منهم القيام بإزالة أية
فيديوهات حول قضية شينجيانغ، وأنهم لن ينصاعوا لذلك إن طُلب منهم.
وتوضح تيك توك، أن قرار المنع الأول الذي طال حساب فيروزة القديم كان
بسبب نشرها فيديو لأسامة بن لادن، وقد رأت في ذلك انتهاك لسياسة تيك توك
التي تمنع نشر أي محتوى على علاقة بمنظمات إرهابية.
أما فيروزة فتقول أن الفيديو لم يتعدى كونه دعابة ورد على التمييز الذي
تعانيه هي الفتاة الأفغانية المسلمة التي نشأت وسط مجتمعٍ أمريكي أبيض،
فلطالما كان يُقال لها أنها ابنة بن لادن وطُلب منها مرارًا مغادرة
الولايات المتحدة الأمريكية للزواج من إرهابي. وتعزو أسباب إقفال حسابها
إلى فيديوهات أخرى نشرتها وكانت تصف الجرائم الدولية المرتَكبة بحق
المسلمين.
تعترف تيك توك بسياستها الصارمة تجاه التهكم أو الهجاء بحق حكومات، وربما
رأى القائمون على التطبيق في الفيديو أمرًا كذلك.
بدورها، هذه التصريحات لم ترضِ فيروزة، التي ترى أن تيك توك يحاول التستر
على هذه المجزرة الكبيرة. وكل ما حدث لم يزد فيروزة سوى إصرارًا على
التحدث بشكلٍ أكبر عبر المنصات الأخرى.
بعيدًا عن ذلك، هل السوشال ميديا حيادية
أبدًا، السوشال ميديا لا تعرف الحيادية، والسبب الذي جعل هذه الحادثة
تأخذ هذه الضجة هو كون الطرف المتهم فيها أو الجاني "صيني" أي بمعنى آخر،
يقف في صف تعتبره أمريكا عدوًّا ولو لم تصرح بذلك، لكن ماذا لو كان
الجاني في هذه الحالة طرفًا آخر، لنقل الأمور بمسمياتها: ماذا لو كانت
إسرائيل أو أي من حلفاء أمريكا يقف مكان الحكومة الصينية الآن ويمارس
أفعالها، هل سنشهد هذه الضجة.
لا، للمرة الثانية.
ليست هذه المرة الأولى التي تتعامل فيها وسائل التواصل الاجتماعي بانحياز
مع قضية معينة؛ فخلال الشهور الماضية، شهدت الساحة المصرية جدلًا كبيرًا
بعد ظهور المقاول السابق مع القوات المسلحة المصرية، محمد علي، ونشره
مجموعة من الفيديوهات التي هاجم فيها السلطات المصرية، ودعا للتظاهر في
وجهها، وترافق هذا الأمر مع إطلاقه سلسلة من الهاشتاغات المنددة بالسلطة
المصرية على موقع تويتر، وسرعان ما حظيت تلك الهاشتاغات بإقبال جماهيري
كبير، فما كان من موقع تويتر إلا أن حذفها من قائمة التداول بعدما تبوأت
المراكز الأولى ضمن قائمة التريند في مصر. وقد اتهم ناشطون مصريون إدارة
المكتب العربي لتويتر في دبي بأنهم السبب وراء حذفها نتيجة تعاونهم مع
السلطات المصرية.
وتويتر أيضًا يقول دومًا بأنه سيزيل تغريدات الرئيس الأمريكي ترامب التي
يصف الكثيرون بعضها بالعدائية والعنصرية فهل أزالها؟
وعلى صعيد آخر، شهد موقع فيسبوك خلال الشهور الماضية حذف مجموعة كبيرة من
المنشورات التي تضمنت استخدام كلمة حماس، وحظرت إدارة الموقع استخدام هذه
الكلمة للإشارة إلى حركة المقاومة الفلسطينية بناء على اعتراضات آتية من
الكيان الصهيوني. ولم يقتصر الأمر على ما سبق، فقد تعرضت بعض الصفحات
التابعة لشبكات إعلامية فلسطينية إلى التضييق والتهديد بالإغلاق في
انحياز واضح وفاضح من موقع فيسبوك.
سمعنا بالحادثة وأثارت هذه الضجة، لا لسواد أعين مسلمي الإيغور،
فالروهينغا مثال شاهد إذ بالكاد يمر ذكرهم على لسان موظف رفيع المستوى في
الإدارة الأمريكية؛ لكن سوء حظ تيك توك (المُدان حتمًا في قضية فيروزة)
جعله منتَجًا لشركةٍ يقع مقرها في الصين، وبالتالي هي في مرمى أهداف
الإدارة الأمريكية. هنا لا ننفي أبدًا الظلم الواقع علي الإيغور بل ينبغي
لأصوات العالم الحرة كلها أن تشير إلى أماكن الظلم التي تطول أيا كان في
هذا العالم، لكن فضائح انحياز السوشال ميديا أصبحت سافرة وهي ليست
بالمنبر الحر أبدًا.
وبالنظر إلى أسلوب الفتاة، سنسمع كثيرًا في الأيام القادمة من يتبع
الأسلوب ذاته، علهم يوصلون أصواتهم. لقد وضعت بقصدٍ أو عن غير قصد دعائم
أسلوب بث جديد في السوشال ميديا.
writer and blogger, founder of ماى سيما - اخبار حصرية .
Comments: 0
Post a Comment