تنمّر حقيقي، ونوع آخر أشبه ما يكون بالتنمّر المزيف. وهو أن تكون ضعيفاً
هزيلاً لدرجة أن أي تحرك سلبي ضدك تعتبره عدوانيةً وتهجماً. خصوصاً أنه
ليس بالأمر الجديد. الإنسان في صُلبه هو هكذا، فما القشرة الإنسانية
المحترمة إلا غطاء رقيق على بركان مِن البربرية الغريزية التي لا تزال
موجودة داخلنا.ضد استخدام كلمة «تنمّر» كمفردة لغوية لوصف الإساءة
النفسية أو الجسدية، لأنها توحي بأنّ الطرف الآخر أقوى منك وهذا بالحقيقة
خاطئ. إذ أنه سيكون فقط وغداً قليل الذوق، وليس بالضرورة أن يكون أقوى
"نمر". هو فقط يتمتع بمستوى أخلاقي مُتدني مما يجعله يشارك قيمهُ البالية
مع الوسط المحيط بشكل طفيلي فج.
لذلك لا بد من مفردة ثانية غير التنمر، مفردة من نمط «تقذّر» أو «توسّخ»
أو أي كلمة تدل على مستوى أخلاقي ضحل، لكن ليس بالضرورة أن الطرف الثاني
قوي بالنسبة لك.
ثمّ إن هناك أمر آخر أودّ أن أتحدّث عنه، وهو أنّ هناك تنمّر حقيقي ،
ونوع آخر أشبه ما يكون بالتنمّر المزيف . وهو أن تكون ضعيفاً هزيلاً
لدرجة أن أي تحرك سلبي ضدك تعتبره عدوانيةً وتهجماً. خصوصاً أنه ليس
بالأمر الجديد. الإنسان في صُلبه هو هكذا، فما القشرة الإنسانية المحترمة
إلا غطاء رقيق على بركان مِن البربرية الغريزية التي لا تزال موجودة
داخلنا.
دعنا مثلاً نكر الشريط الزمني لنعود للصفوف الأولى الإبتدائية من مادة
العلوم. هل تذكر ما هي أنواع الخلايا الحية التي كنا ندرسها؟ هناك نوعان
فقط من الخلايا. الأولى هي الخلايا النباتية مضلعة الشكل ذات الجدار
الخلوي الواضح، والثانية هي الخلية الحيوانية مائعة الشكل.
لا يوجد شيء يسمى خلية إنسانية. لماذا؟ لأن الإنسان مكوّن من خلايا
حيوانية. عنوانه البيولوجي هو مملكة الحيوان، شعبة الفقاريات، طائفة
الثدييات، رتبة الرئيسيات المنتصبة الواقفة على قدمين. ولا تتحسس كثيراً
مِن كلمة حيوان لأنها مشتقة من لفظة حياة. فـ (كائن حي /حيوان /حياة)
جميعها مشتقات لنفس الجذر اللغوي.
فالإنسان في صلبه مكوّن من لبنات همجية، وما الحرية والمساواة والعدالة
إلا أنظمة حديثة النشوء لا يزال الكثيرون يصرون على عدم تطبيقها وتفضيل
نموذج الغابة إلى الآن. فطبيعي أن يتنمر وطبيعي أن يكون سلوكه عدائياً
وقحاً قليل الأدب في بعض المواقف.
لماذا كل هذه المقدمة عن مفهوم التنمر وبنية الإنسان المنفلتة في طبعها؟
لأن الكائن الحديث يا عزيزي القارئ أصبح واهناً جداً، ضعيفاً جداً،
هزيلاً جداً، يعتقد أن كل تحرّك بسيط ضده تنمراً ويحب أن يتلذذ بدور
الضحية. نعم التنمر موجود. نعم هناك أناس قذرون منحطون أخلاقياً. نعم
الحياة قد تجمعك بأحدهم مرة أو أكثر. لكن نقطتي هنا هي أنت! كيف يجب أن
تتصرف. كيف يجب أن تكون خشناً أكثر، كيف يجب ألا تكون تتأثر أكثر. كيف إن
حاول أحدهم التنمر أو تنمر لن يهمك، لأنك أساساً خشن. لأنك أساساً لا ترَ
في تحركه الأبله تنمراً بل انحطاطاً أخلاقيا يمارسه على قدر مقاسه هو.
التنمر موجود. لكن تبرير الضعف تحت غطاء التنمر أصبح شيئاً مبالغاً به
ويخرج لك فيالق من أناس هزيلين بشكل مفرط.
يدخل أحدهم إلى نادي فنون القتال فيرى الجميع يلبسون أحزمة سوداء وبنية
وهو الوحيد الذي يملك حزاماً أصفراً أو حتى لم يأخذ حزامًا بعد. فتراه
يداوم يوماً واحداً ثم يهرب. يخاف من شعوره بالوحدة وسط الآخرين
العمالقة.
صديقي العزيز، أن تكون مبتدئ بشيء ما لا يعني أن تكون ضعيفاً. الابتداء
له علاقة فقط بالتسلسل الزمني وأنك بحاجة لوقت. أما الضعف فله علاقة بعلل
جسدية أو نفسية أو شيء كهذا وليس خط الزمن فقط!
مبتدئ؟ نعم نعم. ضعيف؟ قطعاً لا.
حتى لو خرجنا عن الموضوع لكن فيزيائياً، لو أهملنا الزمن فأنت حصلت على
الحزام الأسود وحصلت على الحزام الأصفر معاً! هذه كلها أحداث، تحتاج فقط
لنطاق زماني ضمن مكان – الذي هو قطعاً النادي – لكي تترتب على محاور
معينة فتحدث ضمن إطار قوانين هذا الكون! هل أحسست بمدى بساطة ولربما
سخرية هذه الأمور! لا تخجل!
كونك مبتدئ بشيء لا يعني أنك ضعيف. افهم هذه الجملة جيداً. أنا بارع
بالكتابة لكني مبتدئ بالرسم. ومبتدئ بالسباحة ومبتدئ بركوب الدراجة.
ومبتدئ بكثير من الأشياء الأخرى. لكن هذا لا يعني الضعف! الضعف سياقه
مختلف. لا تبرر ضعفك مثلما قلنا قبل قليل. أصبح الكل ناعماً لدرجة أنه
لكي يبرر ضعفه ماذا يقول. لقد تنمروا علي، لقد مارسوا لا أخلاقيتهم معي!
أي أنه لا مسؤولية لك هنا، وهم فقط أوغاد يجب أن نأطّر ما يفعلونه ضمن
عنوان التنمر!
ما رأيك أن أقولها لك بطريقة قاسية قليلاً؟
لو لم تكن فريسة سهلة وهزيلة مُسبقاً لما تنمروا عليك أساساً! نعم هذا لا
يبرر لهم فعلتهم لأنهم أوغاد قذرون كما قلت لك. لكن نقطتي هنا هي أنت.
نقطتي هنا نوع من الخشونة الواجب إضافتها وألا يتحول كل شيء إلى مبررات
مبررات من أجل تشكيل سبب كيلا نخرج من حيز الأمان الطفولي خاصتنا.
اخرج يا صديقي. اخرج. اخرج. كلنا مبتدئون في نقطة معينة وفي مجال معين
وبالنسبة لأشخاص معينين آخرين. أتعرف ما هو الفرق؟ أن أحدهم يُهمل خدعة
الزمن ويقرر أن يمشي في الطريق إلى آخره فيحصل على مُراده قطعاً. وهذا
شيء جميل في هذه الحياة قليلة الذوق التي نعيشها، أن تركيزك على أي شيء
وبذل جهد فيه غالباً سيجعلك تحصد ثماره في النهاية.
لكن تبقى النقطة المهمة عندما تصل إلى القمة وتنظر إلى الخلف وترى كل
التضحيات التي بذلتها والأناس الذين تخليت عنهم، فتقول بدورك، هل كان
الأمر يستحق كل هذا؟
الجواب يعتمد على أهمية الأمر بالنسبة لك وفلسفة حياتك بكاملها.
لكن إلى إشعار غير قريب أبداً نقول وسنقولها دائماً، مبتدئ؟ نعم نعم.
ضعيف؟ قطعاً لا.
writer and blogger, founder of ماى سيما - اخبار حصرية .
Comments: 0
Post a Comment